Ninth SOAS Conference on the Qur’an: Call for Papers*

Ninth SOAS Conference on the Qur’an: Call for Papers*

Proposals are invited for the Ninth SOAS Conference on the Qur’an: “The Qur’an: Text, Society And Culture,” to be held on 11-13 February 2016. The conference series, hosted by SOAS, University of London, seeks to address a basic question: How is the Qur’anic text read and interpreted? The goal is to encompass a global vision of current research trends, and to stimulate discussion, debate, and research on all aspects of the Qur’anic text and its interpretation and translation. While the conference will remain committed to the textual study of the Qur’an and the religious, intellectual, and artistic activity that developed around it and drew on it, contributions on all topics relevant to Qur’anic studies are welcomed. Attention will also be given to literary, cultural, politico-sociological, and anthropological studies relating to the Qur’an.

The primary conference language is English, but papers may be presented in English or Arabic. Further information on the conference series is available on the SOAS Centre of Islamic Studies site HERE. The submission deadline for abstracts is 24 August 2015. 

* Text adopted from the official CFP available on the SOAS website.

© International Qur’anic Studies Association, 2015. All rights reserved.

CFP: International Conference on “Religions and Political Values”*

The Adyan Foundation, in partnership with the Lebanese American University (LAU), invites papers for a two-day conference on “Religions and Political Values,” to be held at LAU’s Byblos campus, 26-28 November 2014.

scholars in library_maqamat haririResponding to widespread interest in a values-based paradigm for engaging religions in the public domain, the goal of the conference is to create a forum for diverse sectors of society to reflect on how political values are defined and activated in Muslim and Christian discourses, and to explore and promote dialogue about these values across diverse worldviews. In so doing, the conference seeks to put recent scholarship in the humanities and social sciences in direct conversation with social-political and scriptural theologies, in Christianity and Islam specifically, and to confront questions and recommendations from public leaders and policy makers.

The conference will be conducted in English and Arabic. The deadline for abstract submissions is 1 September 2014. For more details and submission instructions, you can download the full call in PDF here: CFP: Religions and Political Values.

* Thanks to Nayla Tabbara, Director of Cross-Cultural Studies at Adyan, for sharing this CFP.

© International Qur’anic Studies Association, 2014. All rights reserved.

The Inapplicability of Non-Muslim Rule, a Qur’anic Perspective | عدم جواز ولاية غير المسلمين….التوجيه القرائي للقرآن

By Ali Mabrouk

Professor Mabrouk examines the broad, semantic use of the terms islām/muslim in the Qur’an (eg. 3:19; 31:22) and argues that they apply to followers of all prophets and no one particular prophet. He also distinguishes it from the narrower, popular use of those terms in subsequent history to include only followers of Muhammad alone. Favoring the latter over the former, as is the case today, abandons the Qur’an’s original intent behind the terms, and it has created serious political problems. (EE)

(flickr.com)

(flickr.com)

إذا كان المقال السابق قد كشف عن الحضور الطاغي لفعل القراءة، حتى في حال إكتفاء المرء بمجرد ترديد آياتالقرآن، فإنه يلزم التأكيد على أن القرآن يصبح، عبر هذا الفعل، موضوعاً لضروبٍ من التوجيه (الناعمة والغليظة) التي لا تكونفي غالب الأحوالموضوعاً لوعي الممارسين لها. ويتحقق هذا التوجيه ليس فقط عبر إنطاق وإسكات دلالات بعينها ينطوي عليها القرآن، بل وعبر ما يبدو وكأنه إبدال الدلالات التي فرضها التاريخبتلك التي يتضمنها القرآن“. ولعل مثالاً على هذا الضرب الأخير من التوجيه، الذي يجري فيه إستبدال دلالة التاريخ بدلالة القرآن، يأتي من قراءة آية قرآنية تنشغل بتعيين معنى المسلم والإسلام، وبما لذلك من تعلُّقٍ مباشر بمسألة عدم جواز ولاية غير المسلمين؛ وأعني بها قوله تعالى: “إن الدين عند الله الإسلام“. فالدلالة المستقرة، في وعي الجمهور، للآية تنبني على أن معنى الإسلامينصرف إلى ذلك الدين الذي إبتُعِثَ به النبي الكريم (محمد عليه السلام)؛ وبما لابد أن يترتب على ذلك من أن المسلمين هموفقطأتباع هذا النبي الكريم. ولسوء الحظ، فإن هذه الدلالة التي إستقرت، في وعي الجمهور، للفظتي إسلام/مسلمين، تمثل تضييقاً أو حتى نكوصاً عن الدلالة التي يقصد إليها القرآن خلال إستخدامه لكلتا اللفظتين. بل إن إختباراً لهذا الإستخدام القرآني يكشف عن أن هذه الدلالة المستقرة للفظتي إسلام/مسلمينتكاد أن تكون قد تبلورتوتطورتخارج القرآن، على نحو شبه كامل. وإذن، فإنها تبدو أقرب ما تكون إلى الدلالة الإصطلاحية، التي تمتزج فيها المقاصد الواعية وغير الواعية لمن إصطلحوا عليها؛ وعلى النحو الذي تعكس فيه عناصر تجربتهم التاريخية، ولو كان ذلك على حساب القرآن ذاته. وضمن هذا السياق بالذات، فإن التمييز يبدو ملحوظاً، لا تخطئه عين القارئ المدقق، بين هذه الدلالة الإصطلاحية، وبين الدلالة السيمانطقية التي تغلب على التداول القرآني لكلتا اللفظتين.

فإذ تنبني الدلالة الإصطلاحية على صرف معنى لفظة مسلمين، مثلاً، إلى أتباع النبي محمد (صلعم) فحسب، فإن الدلالة السيمانطقية، الغالبة على الإستخدام القرآني لتلك اللفظة ذاتها، لا تقصر المعنى على هؤلاء فقط، بل تتسع به ليشمل غيرهم من أتباع الأنبياء السابقين أيضاً. وهكذا، فإن اللفظة مسلمون/مسلمينقد وردت، في القرآن، حوالي ستٍ وثلاثين مرة، إنطوت فيها، في الأغلب، على دلالة تسليم المرء وجهه لله، من دون أن يكون ذلك مقروناً بإتباع نبيٍ من الأنبياء بعينه. بل إن بعض الآيات يستخدم لفظة مسلمون/مسلمين، صراحة، للإشارة إلى من هم من غير أتباع النبي محمد (صلعم). ومن ذلك، مثلاً، إشارته إلى بني يعقوب بإعتبارهم من المسلمين؛ وذلك في قوله تعالى: “أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت، إذ قال لبنيه: ما تعبدون من بعدي، قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحق إلهاً واحداً ونحن له مسلمونالبقرة: 133. والحق أن المرء يكاد يلحظ أن القرآن يكاد، على العموم، أن يصرف دلالة اللفظة إلى فعل التسليم لله، وذلك فيما تلح الدلالة الإصطلاحية على صرف الدلالة إلى فعل الإتباع لنبيٍمن أنبياء الله بالذات. وتبعاً لذلك، فإنه إذا كان غير المسلم هوبحسب دلالة الإصطلاح المستقرة، في وعي الجمهوركل من لا يتبع دين النبي محمد (صلعم)، فإنه، وبحسب الدلالة المتداولة في القرآن، هو كل من لا يُسلِم وجهه لله؛ وبما لابد أن يترتب على ذلك من أن كل من يُسلِم وجهه لله حقاً، هو من المسلمين، حتى ولو لم يكن متبعاً لدين النبي الخاتم. وإذ يفتح ذلك الباب أمام إدخال البعض ممن يُقال أنهم من غير المسلمين إلى دين الإسلام، إبتداءاً من تسليمهم الوجه لله، فإنه سوف يفتحه بالمثل أمام إخراج الكثيرين ممن يُقال أنهم من المسلمين، من دين الإسلام، لأنهم لا يعرفون الإسلام بما تسليم الوجه لله، بل بما هو قناعٌ لتسليم الناسأو حتى إستسلامهملهم، بدلاً من الله. فإنه إذا كان القصد من تسليم الناس وجوههم لله وحده، هو تحريرهم من الخضوع لكل آلهة الأرض الزائفة، فإن ما يجري من تحويل الدين إلى قناعٍ لإستعباد الناس وتيسير السيطرة عليهم لا يمكن أن يكون من قبيل الإسلام أبداً. إن ذلك يعني أن التحول من الدلالة القرآنية للفظة مسلمين، التي يعني فيها الإسلام تسليم الوجه لله، إلى الدلالة التاريخية التي تقصر المعنى على أتباع النبي محمد عليه السلام، فحسب، يؤشر على تزايد التعامل مع الإسلام كآداة للسيطرة على العباد، وذلك على حساب ما أراده الله له من أن يكون طريقاً لتحريرهم جميعاً من كل ضروب الطغيان والإستعباد. ولعل ذلك يكشف عن عدم إنضباط مفهوم غير المسلم؛ وأعني من حيث تبقى المسافة قائمة بين المعنى الذي يصرفه إليه القرآنمن أنه من لا يُسلِم وجهه لله، وبين المعنى الذي فرضه عليه التاريخمن أنه من لا يتبع نبوة محمد عليه السلام“. وبالطبع فإنه لا مجال للإحتجاج بأن معنى الإسلام، بما هو تسليم الوجه لله، قد تحقق على الوجه الأكمل مع نبوة النبي الخاتم (محمد عليه السلام)، فإن القرآن يتضمن بين جنباته ما يزحزح هذا الإعتقاد؛ وذلك حين يمضي إلى أن ثمة من اليهود والنصارى والصابئة من يتشارك مع المؤمنين بنبوة محمد عليه السلام في تسليم الوجه لله حقاً، وأنهملذلك– “لهم أجرهم عند ربهمولا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون“. إذ يقول تعالى: “إن الذين آمنوا (يعني بمحمد) والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فلهم أجرهم عند ربهمالبقرة: 62″. وهكذا فإن القرآن لا يقصر معنى الإسلام بما هو تسليم الوجه لله“- حتى بعد إبتعاث النبي محمد عليه السلامعلى المؤمنين بنبوته فحسب، بل إنه يتسع به ليشمل غيرهم أيضاً. وغنيٌّ عن البيان أن ذلك يرتبط بحقيقة أن مدار تركيز القرآن هو على فعل تسليم الوجه لله وحده، وليس على الباب الذي يتحقق من خلاله هذا الفعل، وحتى على فرض أن القرآن يمضي إلى أن الباب الأكمل لتحقق هذا الفعل هو باب النبي محمد عليه السلام، فإنه لم يدحض إمكان تحققه من غير هذا الباب أيضاً.

يبدو، إذن، أن التاريخ، وليس القرآن، هو ما يقف وراء تثبيت الدلالة المستقرة للآية القرآنية إن الدين عند الله الإسلام، وهو ما يدرك من يستدعي هذه الآية أنه سيلعب دوراً حاسماً في توجيه المُتلقين لها إلى إنتاج ذات الدلالة المستقرة. وهو يدرك أيضاً أن إثارة المعنى السيمانطيقي المتداول في القرآن للفظة إسلامسيؤدي، لا محالة، إلى زحزحة الدلالة التي قام التاريخ بترسيخها، ومن هنا أنه يسكت عنه تماماً، رغم ما يبدو من ظهوره الجلي في القرآن. فهل يدرك المتلاعبون سياسياً بالإسلام أنهم ينحازون للتاريخ على حساب القرآن؟

* This blog post was first published in Al-Ahram, September 20, 2012. It can also be found on Professor Mabrouk’s website here.

© International Qur’anic Studies Association, 2013. All rights reserved.

On the Qur’an and Authority | عن القرآن والسلطان

By Ali Mabrouk*

In this article, professor Ali Mabrouk describes how the Qur’an was transformed from a text open to the full range of human inquiry and participation into an instrument of political authority by an elite. He describes how the Qur’an itself was subjected to the dispute between Sunni and Shi’a, and how the Umayyad and Abbasid Caliphs used the Qur’an to endow themselves with divine authority. This politicization made the text closed and its interpretation both fixed and absolute. Mabrouk argues that the first step in “re-opening” the Qur’an is de-politicizing it. (EE)

لم تترك السياسة شيئاً إلا وتلاعبت به، وقامت بتوجيهه لخدمة ما تريد وتشتهي؛ وإلى حد أن القرآن لم يفلت، على جلاله وتساميه، من هذا المصير. وبالطبع، فإنه يلزم التأكيد على أن هذا التلاعب لم يتحقق- على الرغم مما يجري تداوله من التنازع بين السنة والشيعة- من خلال التغيير والتزوير؛ بل من خلال ما جرى من تثبيت طرائق بعينها في تصوره والتعامل معه. ومن ذلك مثلاً ما جرى من “تصوره” على النحو الذي جعله أحد الساحات الرئيسة لإنتاج هذه الأطلقة؛ وكان ذلك عبر التعالي به من وجودٍ من أجل الإنسان، إلى وجودٍ سابقٍ عليه، ومن تركيبٍ تبلور في العالم إلى كينونة ذات حضورٍ مكتملٍ سابقٍ في المطلق. ولقد ترافق هذا التحويل، بدوره، مع تحولات مسار السياسة في الإسلام من ممارسة “مفتوحة” إلى ممارسة “مغلقة”؛ وبكيفية تحول معها من القرآن الذي كان مركزه وقطبه هو “الإنسان”، إلى القرآن الذي استعمره، واحتكره “السلطان”. إذ يجب تذكُّر أن التحول في مسار السياسة من “خلافة الشورى” (مع أبي بكر) إلى “المُلّك العضود” (مع معاوية) قد تلازم مع الانتقال من القرآن الذي “لا ينطق بلسان، وإنما ينطق عنه الإنسان”- بحسب قول الإمام “عليّ بن أبي طالب” الذي لا يعني إلا أن الإنسان يدخل في تركيب القرآن- إلى القرآن أمسك به السلطان، وراح يتصوره ناطقاً بدلالة مطلقة، مُقرناً له بالسيف، ليحسم به معركة السياسة.

(alimabrouk.blogspot.com)

(alimabrouk.blogspot.com)

والحق أن نظرة على الطريقة التي جرى التعامل بها مع لغة القرآن، لتكشف عن التحولات في مسار الصراع السياسي. فإذ يورد السجستاني، في كتاب المصاحف، أنه “لما أراد عمر أن يكتب (المصحف) الإمام أقعد له نفراً من أصحابه، وقال: إذا اختلفتم في اللغة فاكتبوها بلغة مضر، فإن القرآن قد نزل على رجلٍ من مضر”، فإن الأمر قد اختلف مع عثمان الذي يُروى عنه أنه قال: “إذا اختلفتم في عربية من عربية القرآن، فاكتبوها بلغة قريش، فإن القرآن أُنزل بلسانهم”. وللغرابة، فإن هذا التحول من “لغة مضر” إلى “لغة قريش” قد ترافق مع ما كان يتنامى في ساحة السياسة- وعبر عن نفسه صريحاً مع عثمان- من اعتبارها (أي السياسة) شأناً قرشياً خالصاً، بعد أن كانت قبله ساحة مفتوحة يشاركها فيها غيرها. ولعل دليلاً على هذا التحول- في السياسة- يأتي مما أورده الطبري، في تاريخه، عن المنازعة التي جرت وقائعها حين اجتمع “عبد الرحمن بن عوف” إلى من “حضره من المهاجرين وذوي الفضل والسابقة من الأنصار، وأمراء الأجناد” ليختاروا الخليفة من أهل الشورى الذين عينهم “عمر” قبل موته. فقد “قال له عمار (بن ياسر): إن أردت ألا يختلف المسلمون، فبايع عليَّاً، فقال المقداد: صدق عمار؛ إن بايعت عليَّاً قلنا: سمعنا وأطعنا. وقال (عبد الله) بن أبي سرح: إن أردت ألا تختلف قريشاً، فبايع عثمان، فقال عبد الله بن أبي ربيعة: صدق؛ إن بايعت عثمان قلنا: سمعنا وأطعنا. فشتم عمار بن أبي سرح، وقال: متى كنت تنصح المسلمين؟….فقال رجلٌ من بني مخزوم: لقد عدوت طورك يا بن سمية (يعني عمار)، وما أنت وتأمير قريش لأنفسها”. ولعل كون الرجلين المتنازع عليهما (عليّ وعثمان) من قريش، هو ما يجعل القصد من عبارة الرجل المخزومي لابد أن يتجاوز ما يمكن فهمه منها من وجوب “قرشية” من في الحكم، إلى أن الأمر يتعلق باستبعاد كل من سوى القرشيين من حق المشاركة في تعيين الحاكم ونصبه؛ وبحيث تصبح السياسة احتكاراً قرشياً خالصاً لا شأن لغيرهم به.

إن ذلك يعني، وبلا أدنى مواربة، جواز القول بأن الانتقال من “لغة المسلمين”، على تعدد قبائلهم، إلى “لغة قريش” وحدها، إنما يعكس تحولاً كان يجري في مسار السياسة من كونها شأناً عاماً يخص “المسلمين” جميعاً، إلى كونها شأناً يخص “قريش” وحدها؛ أو يخص- حتى- مجرد بيتٍ من بيوتها بحسب ما سيجري لا حقاً، مع بني أمية وبني العباس. لكنه، وبالرغم من هذا التضييق النازل من “لغة القبائل” إلى “لغة قريش”، فإنه يبقى أنها تظل- في الحالين- من قبيل اللغة ذات الأصل الإنساني؛ وهو الأمر الذي سرعان ما سيختفي تماماً مع اعتبار لغة القرآن هي ألفاظ و”كلام الله”، بدل أن تكون هي لغة الإنسان. وبالطبع فإن هذا التحول من “لغة الإنسان” إلى “كلام الله”، إنما يعني بلوغ صيرورة “الأطلقة”- التي كانت تعني تسييد المطلق “إلهاً” في المجرد، و”حاكماً” في المتعيِّن- إلى تمام الذروة والاكتمال. وهكذا، فإن ما يفسر ما حصل من التعالي بالقرآن (لغة وتاريخاً وماهيةً) من الأرض إلى السماء، هو ما جرى من صعود المسلمين (سنة وشيعة) بخلافات السياسة من الأرض إلى السماء. والغريب، هنا، أن أهل السنة كانوا- وليس الشيعة- هم الذين بدأوا التعالي بالسياسة من الأرض إلى السماء؛ وكان ذلك تحديداً حين رفض عثمان بن عفان ترك السلطة، نزولاً على طلب الثائرين عليه، محتجاً بالقول: “كيف أخلع قميصاً ألبسنيه الله”؛ فكان تقريباً أول من بدأ التعالي بأصل سلطته إلى السماء.وبالطبع فإن ما سيمضي إليه الشيعة، لاحقاً، من اعتبار تعيين الإمام ونصبه هو أمرٌ من اختصاص السماء، لن يكون إلا محض ترجيع لهذا التقليد الذي دشنه الخليفة الثالث؛ عثمان.

ولعل ما يدعم هذا التوازي بين التعالي بالقرآن والتعالي بالسياسة، هو ما يبدو من أن التعالي بالقرآن كان قد ترافق مع سعي البعض، من الحكام المتأخرين على حقبة الخلافة بالذات، إلى التعالي بسلطتهم إلى مقامٍ ينفلتون فيه من أي حسابٍ أو مساءلة. وهنا، فإنه لم يكن ثمة ما هو أنسب من أن يخفي “الحاكم” نفسه وراء “القرآن”؛ الذي كان لابد- لذلك- من رفعه إلى السماء؛ لكي يكتسب، بدوره، (أعني الحاكم) رفعة الكائن السماوي. ولعل هذه العملية من التقنُّع بالقرآن، هي التي ستقف وراء تبلور المأثور القائل: “إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن”. فإذ تكشف مفردات “الوازع” و”السلطان” المستخدمة في المأثور عن تبلوره المتأخر، في حقبة شاع فيها استخدام تلك المفردات (لعلها الحقبة السلطانية)، فإن في ذلك ما يسند دعوى أن “أطلقة” القرآن كانت قناعاً يُراد منه التستر على “أطلقة” السلطان. فإذ المأثور لا يستحضر من السلطان، إلا أنه أداة الله في الحكم- الذي هو الوازع- فيما لم يَرِدُ فيه حكم القرآن، فإن في ذلك ما يقطع بأن الأمر يتعلق ببناء السلطة، على النحو الذي تكون فيه متعالية ومطلقة؛ وأعني من حيث أن حكمه يكون- والحال كذلك- هو حكم الله. لكنه يبقى وجوب التأكيد على حقيقة أنه إذا كان السلطان قد كسب، بهذا التعالي، إطلاق سلطته، فإن ما ألحقه هذا التعالي بالقرآن من الضرر كان كبيراً؛ وذلك من حيث ما تآدى إليه من إطفاء أنواره، وإهدار خصوبته، بسبب ما فرضه عليه من إسكات صوته، وتجميد دلالته….ومن هنا وجوب السعي إلى تحرير “القرآن” من قبضة “السلطان”.

* Ali Mabrouk is Professor of Islamic Philosophy at the University of Cairo, Egypt. This blog post was first published in Al-Ahram, April, 18, 2013. To read more of Ali Mabrouk’s work,visit the following links [1] [2].

© International Qur’anic Studies Association, 2013. All rights reserved.